أمهات العالم.. من ينقذهن؟

غالبا في مواسم الاعياد اعتدنا جميعنا على ان نردد ذات المقولة لصاحب العيد ونتمنى له اطيب التمنيات.. لكن من المحتمل فعلا أن صاحب العيد قد يكون محتاجاً منا - بل يحتاج فعلا - لكلمة اهم من ان نقول له كل عام وانت بخير.. فهو يعول اليوم اكثر من اي وقت مضى على وسائل الإعلام لأن تؤازره وان تنظر الى ابعد من الهدية أو باقة الورد أو أمنيات تكتب او تلقى مراراً على مسامعه.. لكن من يحققها؟!
فبالتأكيد صاحب العيد يحتاج لان ننظر ملياً في أعماقه - نحن كصحافة بنوع خاص- فنشعر بألمه ووجعه ونحاول ان نجد له ما يؤاسيه.. فإذا لم يكن بيد الصحافة ان تصف العلاج الشافي؛ فهي على الأقل تنقل الشكوى، ولا نظنها مقصرة بل على العكس، إنها وفي كل العالم تعمل ما تستطيع في اجواء الشجب والمنع، وفي ظل ممارسات البعض لسياسة التهميش والإلغاء وحتى القتل العمد؛ فالعلاج يبدأ بالمصارحة لأن الصمت قد يكون قاتلاً احياناً..

عيد الأم في ظل الحروب
اليوم عيد الأم.. لكن.. الأمنيات فقط لن تقدم لها عيدا سعيدا ولا اياما جميلة ولا حياةً هانئة.. بل نريد لأمهات العالم بأسره ان يتمتعن بحقوقهن الكاملة وان يعشن حياة كريمة يستحقنَّها..
الأم اليوم في دول عدة من العالم تعيش مجروحة ومكلومة بسبب الحروب الكثيرة؛ فالحرب عدا عن نتائجها السلبية المدمرة على نفسية الأمهات فهي تسلبهن اغلى ما يملكن، احيانا تسرق منهن ازواجهن او أبناءهن أو يقعن نتيجة الحروب لأسرى بايدي الأعداء مما يعرضهن لشتى انواع العذابات الجسدية والنفسية نتيجة الضرب والاغتصاب كتعذيب تؤيده الدول حتى المتطورة او التي تدعي التطور في سبيل اجبارهن على الاعتراف! او يمتن نتيجة الحروب او المرض لعدم وجود الاسعافات اللازمة والأغرب كما يحصل في العراق مؤخرا ان فتاوى يطلقها ارهابيون وليس رجال دين يحللون قتل المرأة محافظة على.. شرفها!

العنف الأسري
تتعرض الأمهات في كل العالم حتى في اكثر الدول تطورا من مشرق الأرض لمغربها للعنف الأسري.. فالرجل الغاضب يقوم بضرب زوجته وترك الآثار الملونة على جسدها، كما يعمد الى ضرب اطفاله منها، وتعمل الدول اليوم للحد من العنف ضد المراة ومناهضته بكافة الوسائل.

وعن آخر اخبار العنف الأسري ومناهضته بحسب ما اوردته وكالات العالم ان اميركا تسعى اليوم لحماية اكبر لضحايا العنف وتطلب من المحامين ان يتفهموا هؤلاء النساء لتقديم المساعدة الفعالة لهن.. وفي كندا تعهدت الدولة بانشاء مركز يناهض العنف الاسري بدفع اكثر من مليون دولار اميركي في ادمونتون، وذلك لمساعدة الامهات اللواتي يتعرضن للضرب من قبل ازواجهن ومساعدة ايضا الفتيات العازبات اللواتي يتعرضن للعنف.

ومؤخراً أفادت رويترز أنّ النساء في اليابان يلجأن إلى الشرطة بشكل متزايد للإبلاغ عن حالات العنف المنزلي وقال مسؤول في أحد الوكالات لأخبار "كيوتو": "إن عدد النساء اللواتي قرّرن الخروج لطلب الاستشارة أو الدعم من الشرطة أخذ يتزايد بعد أن عانين في السابق بصمت دون أن يعرف أحد".

اما المكسيك فقد اعلنت عن انشاء قاعدة بيانات وطنية وهي شبكة المعلومات من أجل مناهضة العنف ضدّ النساء – حيث ستقوم بمتابعة الناجين من العنف المنزلي وتساعد في محاكمة المعتدين.

من جهة اخرى بدات الدول العربية (الدول الخليجية وغيرها) بانشاء المراكز الاستشارية والعلاجية لحماية الاسرة كما تقوم اليوم بتنظيم الورش والندوات للحفاظ على حياة اسرية صحية. ونتمنى بعيد الأم ان يتم تفعيل هذه المؤسسات لمتابعة قضايا المراة ولحمايتها من غضب الزوج غير المقبول بكل الاعراف والاديان، ولتوعيتها وتدريبها على الحياة الزوجية حتى تبقى بكامل صحتها الجسدية والنفسية؛ فيصبح بالإمكان ان تنجب وتربي الابناء بدل من ان تعاني من رضوض موجعة وتشوهات او ان تتحول في لحظة غضب الى جثة هامدة.

الأم العاملة
كلنا نعلم ان الازمات الاقتصادية المتكررة على الصعيد العالمي دفعت بالمراة لان تعمل يدا بيد مع زوجها، لكن ذلك لم يساعدها على ان تشعر بالمساواة مع الرجل؛ فالازواج اليوم يريدون منها تنظيم الاسرة في الداخل والاهتمام بشؤون المنزل والأبناء، لان فكرة اللامساواة لا تزال تنخر في عقول بعض الرجال الذين لم يستوعبوا ان المراة المتعلمة لا تفرق عن الرجل، وبانها قادرة على تحمل المسؤولية مثله، لكنه يابى في كثير من الاوقات ان يساعدها في عملها المنزلي.
والمشكلة الاخرى التي تواجه الامهات العاملات هي في اجازات الامومة وما قبل الولادة بالاضافة الى ان رواتب النساء تقل في اغلب الدول بحوالي 40% عن رواتب الرجال، علما ان المراة معروف عنها الاجتهاد في العمل واحترام الاوقات والمواعيد.

الأرامل والمطلقات
توفيت إحدى النساء (اعرفها شخصيا) بسبب ان زوجها كان يضربها ضربا مبرحا بعد أن سجنها مطولا عن اعين الناس ومنعها من مشاهدة حتى افراد اسرتها مبررا فعلته انه يحبها و.. يغار عليها.. وخلال دفنها سُئلت والدتها لماذا لم تبلغوا عنه الشرطة الم تعلموا بهذا الأمر؟ أجابت: "بلى علمنا لكننا خفنا من الطلاق". فقيل لها: (توفيت وهي في الـ 23 من عمرها).. أيهما أفضل ان يُقال مطلقة.. أم ان تدفن تحت التراب ظلما؟

لقد قمت بسرد هذا الخبر المحزن قسرا، فقط لإبراز ان الطلاق لا يزال كلمة مشينة ومرعبة في بعض المجتمعات.. ولكي أبين ان المطلقة اهون على ذويها احيانا ان تموت من ان تطلق زوجها..

ويبقى ان ابغض الحلال عند الله الطلاق.. وبمناسبة عيد الأم مناشدة لكل ام ان تتريث قبل الطلاق ليس لان الطلاق قد يهين من المراة ويحط من كرامتها؛ انما لتعرف ان معاني الامومة السامية اكبر من مشاكل قد تكون حلولها مغطاة بقشة.. فالحياة ايتها الأم بقدر ما هي صعبة.. بقدر ما هي سهلة.. فلا تفرطي بابنائك ولا تتخلي عنهم الا بالحالات الصعبة التي لا تنفع معها الحلول.. فالعائلة هي من تستحق منك اجلّ واعظم التضحيات.

وفي عودة للمطلقات ايضا مناشدة للمجتمعات التي تكون في كثير من الاوقات السبب وراء انحراف المطلقة لان المجتمع الذي يتهمها، ويحسب عليها كل تصرفاتها قد يكون السبب الأول والأخير في انحرافها وتحولها لامراة سيئة.. كذلك قد ينطبق هذا القول على الأم الأرملة.. لكن الوعي وتمكين المراة والدعوة لتثقيفها ما يجعل في يدها سلاحا للمستقبل يجعلها تقوم على تدبير عائلتها مثلها مثل أي الرجل.

وفي الختام، نتذكر الأمهات في الدول الفقيرة اللواتي يموت اولادهن بين أذرعهن بسبب الجوع. ونتذكر أولئك اللواتي يفقدن حياتهن وهن ينجبن الاطفال من دون مساعدة من احد. او والنساء الحبالى اللواتي يقصدن المشافي من دون مال فيتم طردهن وضربهن وهن على وشك انجاب الاطفال.. ونتذكر اللواتي يعملن في الدعارة ويتعاطين الكحول والمخدرات، واللواتي اصبن بامراض جنسية خطيرة وبمرض الإيدز ونطلب لهن في عيد الأم التوبة والشفاء، وان تصبح كل الامهات على لوائح الشرف في دول العالم وليس على لوائح الانتظار.